dimanche 3 juillet 2011

منسّق علاقة بن علي بإسرائيل يدخل حكومة السبسي

المشهد التونسي ـ خاصّ ـ حاتم السعيدي



إسمه يكاد يكون مجهولا تماما من التونسيين الذين يتابعون الشأن السياسي بإهتمام أكبر منذ 14 جانفي 2011. برز من جديد على الساحة السياسية و هو الذي عيّنه رئيس الدولة المؤقّت فؤاد المبزّع كاتبا للدولة بإحدى الوزارات السياديّة في التحوير الوزاري الأخير باقتراح من الوزير الأول في الحكومة الإنتقاليّة الباجي القايد السبسي.

و لمن لا يعرفه نذكر نقلا عن وكالة الأنباء التونسية الرسمية “وات” بعضا مما أوردته في سيرته الذاتية : “بدأ (…) حياته المهنية سنة 1979 في وزارة الشوءون الخارجية حيث شغل عديد المهام في السلك الديبلوماسي.  وقد عين بالخصوص بين 1999 و2004 سفيرا مفوضا فوق العادة لدى ايرلندا.” و سنكتفي بهذا القدر لنتوقف عند ما بين هاتين الفترتين من مسيرة الرجل التيّ تستحقّ حسب رأينا إهتماما أكبر.

في 4 ماي 1996 فتحت “تونس بن علي” مكتب علاقات لها في العاصمة الإسرائيلية تل أبيب في خطوة غير معلنة و الأولى من نوعها نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني. خطوة سبقها فتح مكتب مصالح إسرائيلي بتونس في شهر افريل. المبعوث الإسرائيلي و الذي لم يتأخّر في القدوم إلى تونس كان أسرع نوعا ما من نظيره التونسي الذي قدّم أوراق إعتماده لوزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك بتاريخ 27 ماي 1996. هل كان من الصعب على بن علي إيجاد رجل يقبل بسهولة تمثيل نظامه في إسرائيل ليستغرق وصول المسؤول التونسي أسابيع عديدة ؟  إحتمال التراجع التونسي اثار مخاوف الجانب الاسرائيلي آنذاك.

سنعود قليلا إلى الوراء، تحديدا إلى 22 جانفي من نفس السنة. يومها إلتقى وزير الخارجية التونسي الحبيب بن يحيى نظيره الاسرائيلي ايهود باراك في واشنطن بحضور وزير الخارجية الاميركي وارين كريستوفر و إنتهى اللقاء بإتفاق بين الطرفين ينصّ على اقامة تمثيل دبلوماسي متبادل بفتح مكتبين لرعاية المصالح في البلدين.

و في الشهر الموالي (فيفري) ، تبادلت وزارتا الخارجية التونسية والاسرائيلية مذكّرات حول ترتيبات افتتاح مكتبي رعاية المصالح في البلدين إبتداءا من شهر افريل من نفس السنة. كما تضمّنت تلك المذكّرات أسماء رئيسي مكتب تونس في تل أبيب و مكتب إسرائيل في العاصمة التونسية.

في هاته الوثيقة الخاصة بالتطورات السياسية الحاصلة خلال شهر ماي في الملف الفلسطيني على الموقع المخصص له على الشبكة الرقمية لمنظمة الأمم المتحدة يرد إسم رئيس المكتب التونسي في تل ابيب : خميّس الجهيناوي.

لكن يبقى السؤال مطروحا : هل كان إسم خميّس الجهيناوي هو المقترح منذ البداية في مذكرات الإتفاق الممضى بين الخارجيتين التونسية و الإسرائيلية في شهر فيفري أم أن الرجل جاء تعويضا لديبلوماسي آخر ؟


الإجابة نجدها في مقالين نشرا على الإنترنت بعد سنة 2000. الأوّل بتاريخ 24 اكتوبر 2000 على موقع صحيفة “الشرق الأوسط” حيث يرد إسم خميّس الجهيناوي على إنّه المكلّف منذ البداية بهذا الخطّة. رواية يؤكدها مقال ثانٍ بعنوان “تدهور العلاقات التونسية الإسرائيلية” لنشرية “الميزان الاستراتيجي الدبلوماسي في الشرق الأوسط” الأمريكية صدر في الـ14 من ماي 2001 و نقله في ما بعد موقع “بيزنس نتوورك” التابع لشبكة سي.بي.آس. الإخبارية. إضافة إلى هاته الإشارة في “نشرية إسرائيل السنوية” لعام 1997 و التي أصدرتها “المنظمة الصهيونية بأمريكا” و “المصلحة الإقتصادية للوكالة اليهودية من أجل إسرائيل”.


"الديبلوماسي التونسي خميّس الجهيناوي رئيس مكتب المصالح التونسية الجديد بإسرائيل، يقدم أوراق إعتماده إلى وزير الخارجية إيهود باراك"

نفهم الآن لماذا تبدأ السيرة المفصّلة للجهيناوي حسب موقع الـ”وات” إنطلاقا من سنة 1999. فرجل بن علي الذي قبل بهاته المهمة الوضيعة كان يبغي أن يصنع لنفسه إسما و أن يتدرج في السلّم الوظيفي. و كان الولاء للمخلوع هو المفتاح السحري لفتح أبواب الترقية على مصراعيه ، و هو ما تؤكّده بقيّة سيرته المهنيّة و التي إستفاض مقال وكالة الأنباء الرسميّة في سرد تفاصيلها. تماما كما حرص الآن على تغييب هاته الفترة المظلمة من تاريخ المهني و السياسي.

هذا الرّجل هو نفسه الذي إقترحه الوزير الأول في الحكومة الإنتقالية السيد الباجي القايد السبسي لخطة كاتب دولة لدى وزير الشؤون الخارجية و  لم يعترض عليها الرئيس المؤقت السيّد فؤاد المبزّع. ترقية أخرى لرجل من رجال بن علي في تونس ما بعد 14 جانفي و صفعة أخرى لثورة لم تكتمل بعد.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire